مرضى الفشل الكلوي يواجهون الموت جراء توقف عمل مركز الغسيل الكلوي في محافظة إب

■ أطباء لا يرون المرضى إلّا كليلة القدر أو عند عمل تصريح الدفن
■ ثلاجة الشرب إلى جانب المرحاض.. والسكن الخيري استولى عليه المشرفون
■ جمعيات تتسول باسم مرضى الكلى وهم آخر من يعلم ولا يستفيد
ثلاجة الشرب إلى جوار المرحاض في الحمامات. هذا أوّل شيءٍ نشازٍ يلفتُ انتباهَك وأنت تدخلُ إلى قسم الغسيل الكلوي لمرضى الفشل الكلوي في هيئة مستشفى الثورة العام بمدينة إب الخضراء موطن الجمال والطبيعة الخلابة التي يبدو أنها ستنعكس سلباً على أبنائها الذين اكتفتْ الحكومة بما وهبه لهم الله سبحانه وتعالى من نعمة التضاريس والطبيعة ولم تكلِّف نفسها حتى بتفقد حالاتهم الصحية أو الاعتناء بمرافقها التي تبدو للزائر وكأنّها من عصر الأتراك والأئمة وليس من عهد الجمهورية ودولة الوحدة المباركة!!
سمعنا كثيراً عن معاناة مرضى هذا القسم اليتيم وما يكابدونه من ويلات داخل هذا المرفق المنسي فكان أن عقدنا العزم على زيارته للوقوف عن كثب على ما يجري فيه.خاصة بعد إغلاقه منتصف الشهر الماضي بسبب نفاد المحاليل. وخرجنا بالتحقيق التالي التالي:

أول ما وصلنا أخذونا لمشاهدة ثلاجة الشرب للمياه النقية؟! التي تقبع داخل الحمامات في تجاور أليف مع المرحاض الذي يبدو أنه لم يعد يشكل أي استفزاز لمرتادي هذا القسم بعد أن يأسوا من تغيير الوضع الذي هم فيه أو تحسين مستوى الخدمات التي يقدمها بعد أن شكوا وشكوا وشكوا وذهبتْ شكاواهم أدراج الرياح.
أما الأشد إيلاماً فهو عدم توفير العلاجات والمواد اللازمة للغسيل مثل مادة (الهيبارين) والعلاجات الخاصة بالحالات الإسعافية.فضلاً عن تأخير المواد لفترات متقطعة. ويُقال للمرضى لاتأتوا حتى يتم توفيرها. ما يعني بالطبع الموت المحقق لا محالة.وهذا ما شهد به كل المرضى ووافقهم عليه كل الممرضين والممرضات الذين التقينا بهم على هامش الزيارة وفضلوا عدم ذكر أسمائهم.
أسباب غير مدروسة
ومن المشكلات التي لمسناها أن القسطرة التي يتم تركيبها للمرضى - حسب ما سمعنا- من أجل عملية الغسيل التي تتم مرتين في الأسبوع داخل المستشفى تتعرض للتلف عكس التي يتم زراعتها في مستشفيات خاصة.
والزحام على أجهزة الغسيل كبير جداً لدرجة لاتُطاق، ما يعني الحاجة الملحة لإيجاد أجهزة أُخرى تستوعب كل المرضى الذين هم في تزايد يوماً عن يوم وبشكلٍ ملفِت يبعث على الأسى والخوف في آنٍ واحد. خاصة وأن الجهات المعنية والرأي العام لم يلتفتوا حتى الآن لهذا المرض/ المشكلة الذي يتفاقم بصورة مخيفة دون أن توجد حتى الآن دراسات توثيقية ترصد الأسباب التي تؤدي لظهوره من أجل تفادي الإصابة بهذا المرض الخطير.وهذه كانت شكوى كل العاملين في القسم الذين وجدنا عليهم ضغطَ عملٍ شديد في الوقت الذي يتحملون فيه كل شيء نظراً لغياب الإدارة والأطباء المعنيين.
توقيف زراعة الكلى
فؤاد محمد الصهباني يشكو هو وغالبية المرضى من أنّ مستشفى الثورة بصنعاء الذي كان يتم فيه زراعة الكلى وبطريقة ناجحة تضاهي مثيلاتها في أرقى مستشفيات العالم تم تأجيل زراعة الكلى فيه لأجلٍ غير مسمى ودون إبداء الأسباب التي يرى المرضى أنّها استغلال واحتكار من قبل بعض الجهات الخاصة وبعض الفاسدين المتعاونين معهم داخل المرافق الصحية الحكومية. حيث يملك أحد الأطباء الذين كانوا يقومون بعملية زراعة الكلى مستشفىً خاصاً ويقوم الآن بزراعة الكلى فيه بعد توقيفها في مستشفى الثورة الحكومي بصنعاء.
وهذا ما شكا منه أيضاً المريض محمد قحطان العماري الذي أضاف يشكو وإلى جواره بعض الممرضات يؤكدن قولَه إنّ محطة الغسيل بمستشفى الثورة بإب تحتاج توسعة تتواكب مع حجم الزيادة المضطردة لمرضى الفشل الكلوي. ومع ذلك لم يُحرِّك المعنيون والسلطة المحلية بالمحافظة ساكناً. وهناك مكان تم بدء العمل فيه منذ حوالي عام ليكون إضافة للقسم يتم فيه تركيب أجهزة غسيل إضافية وإلى الآن لم يتم البت فيه، ووجدنا البطحاء ومواد البناء الأخرى ملقاةً على الأرض بشكلٍ مقزز.
سكن خيري لغير المرضى
السكن المخصص لمرضى الفشل الكلوي هو الآخر له حكاية تدمي القلوب،فقد تم بناؤه على نفقة فاعل خير وسلمه لإدارة المستشفى التي تستغله-حسب شكوى المرضى- لغير ما وجد له، حيث يتم إيواء المرضى من الليل إلى الصباح. وفي الصباح يتم طردهم مباشرةً ولو كانوا من بلاد نائية كمديرية القفر ومن وصاب محافظة ذمار ومن محافظة الضالع ومن مديرية فرع العدين ومديرية مذيخرة. وكل هذه الأماكن بعيدة ونائية.
حتى أنه يطرد النساء اللاتي بلا مأوى دون أية مراعاة لأي جوانب إنسانية البتة. وبالذات يوم الجمعة الذي يتم فيه طرد المرضى جميعاً منذ الصباح الباكر بحجة أنه يوم عطلة. وهو ما أكدته لنا المريضة هند عبدالله احمد 13عاماً وأمها وهما من مديرية مذيخرة.
وقالوا إن الدور الرابع في السكن الخيري يستخدمه الأطباء القائمون عليه سكناً لأطباء والتغذية وقاعة للاجتماعات على سبيل التمهيد لتحويله لسكن للأطباء حسب ما ذكرَ لنا المرضى وبعض العاملين من الممرضين والممرضات في القسم.
ناهيك عن عدم توفير أية تغذية رغم أنها مرصودة من فاعل الخير السيد الشامي.
والتغذية مشكلة حتى في قسم الفشل الكلوي الذي لا يصرف فيه المستشفى سوى وجبة واحدة هي وجبة الغداء.
جمعيات للعاملين عليها!
الجمعيات الخيرية هي أيضاً لها في هذا المضمار حكاية لا تخفى على كل ذي لب. فهي ورغم الاعلانات المنتشرة كالهواء في كل مكان لم نسمع عنها في هذا القسم البتة؛ولا أثرَ لها في تبني ورعاية أي حالة، ولا حتى بتقديم أية معونات أو شراء محاليل ومواد الغسيل أو أجهزة غسيل أو حتى المشاركة في توسعة وإيجاد أماكن إضافية لأجهزة جديدة تستوعب الأعداد المتزايدة من المرضى.
والغريب أنّ هؤلاء المرضى من أكثر الشرائح والفئات التي تتسول باسمهم وتنهب جيوب المواطنين الأبرياء تحت يافطتهم، فيما هم آخر من يسمع بهذه الجمعيات التي أقضّتْ مسامعنا ومضاجعنا بإعلانات لها أول وليس لها آخر، وتجمع مليارات وليس ملايين من تبرعات وهبات داخلية وخارجية لا يعلم سوى المولى عز وجل أين تذهب وكذلك القائمين عليها الذين قال المرضى أن جامعي الصدقات في الجمعيات الخيرية يبدأون بالعاملين عليها قبل الفقراء والمحتاجين والغارمين وفي الرقاب إنْ لم ينسوهم البتة كما هو الحال مع مرضى الفشل الكلوي!!
قاسم العواضي أحد المرضى يشكو من عدم سؤال الأطباء لهم عن مضاعفاتهم أو الإشراف على حالاتهم، فهم يأتون للغسيل ويستقبلهم الممرضون دون أية معاينة أو إشراف من قبل الأطباء، بعكس ما هو موجود في محافظة عدن التي بدأ الغسيل بها قبل أن يستقر بإب.
ويؤكد كلامَهُ كل المرضى الذين قابلناهم ويشكون من عدم متابعة الأطباء لحالاتهم أو تتبع التطورات التي تطرأ عليهم ما يؤدي ببعض الحالات للوفاة بسبب عدم متابعتها من قبل الأطباء المختصين الذين يكتفون بالتوجيه أول الأمر بتحويل المريض على اليوم الذي سيغسل به ثم يتركونه للمقابلة الأُخرى التي يتم بموجبها عمل إذن الخروج وتصريح الوفاة!!
فارق صرف
الدكتور علي أحمد قعشة مدير هيئة مستشفى الثورة العام بمحافظة إب وضعنا عليه مجمل ما شاهدنا وسمعنا فكان رده التالي: 
السبب في انعدام أو تأخير المحاليل الخاصة بمرضى قسم الغسيل الكلوي هو أن للشركة التي تورد لنا هذه الأدوية لها مبلغ خمسة وعشرين مليوناً لم يتم دفعها من قبل المجلس المحلي بالمحافظة. وهي تتخذ ذلك ذريعة للضغط على المجلس المحلي لدفع مستحقاتها المتأخرة.
إضافة إلى أن العقد المبرم مع هذه الشركة كان باليورو، ووزارة الصحة تحاسبهم بالدولار، وهذا أوجد فوارق خلال العامين الماضيين وصلت إلى سبعة وأربعين مليون ريال يمني.
نحن لم نظل مكتوفي الأيدي وبذلنا كل ما بوسعنا لتلافي هذا القصور وإنقاذاً للمرضى الذين ندرك جيداً مدى حاجتهم للعلاج الفوري المتمثل بالغسيل الكلوي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إب اليوم | Ibb Today تطوير Ebrahim Alezzi © 2015

يتم التشغيل بواسطة Blogger.